كتاب السنن الكبرى - البيهقي - ت التركي

كتاب النكاح - باب ما كان مطالبا برؤية مشاهدة الحق مع معاشرة الناس بالنفس والكلام - ج: 13 - ص: 507

بقارِئٍ، فعادَ إلَى مِثلِ ذَلِكَ، ثُمَّ أرسَلَنِي فقالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: ١، ٢]. قال محمدُ بن النُّعمانِ: فرَجَعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بذَلِكَ. قال ابنُ شِهابٍ: فسَمِعتُ عُروةَ بنَ الزُّبَيرِ يقولُ: قالَت عائشَةُ - رضي الله عنها - زَوجُ (١) النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: فرَجَعَ إلَى خَديجَةَ - رضي الله عنها - يَرجُفُ فُؤادُه، فقالَ: "زَمِّلونِي زَمِّلونِي". فزُمِّلَ، فلَمّا سُرِّيَ عنه قال لِخَديجَةَ: "لَقَد أشفَقتُ على نَفسِي، [لَقَد أشفَقْتُ على نفسى] (٢) ". قالَت خَديجَةُ - رضي الله عنها -: أبشِرْ، فواللهِ لا يُخزيكَ اللهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصدُقُ الحديثَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، انطَلَقْ بنا. فانطَلَقَت خَديجَةُ - رضي الله عنها - إلَى ورَقَةَ بنِ نَوفَلٍ، وكانَ رَجُلًا قَد تَنَصَّرَ، شَيخًا أعمَى يَقرأُ الإنجيلَ بالعَرَبيَّة، فقالَت له خَديجَةُ - رضي الله عنها -: أىِ ابنَ عَمِّ (٣) اسمَعْ مِنِ ابنِ أخيكَ. فقالَ له ورَقَةُ: ماذا تَرَى؟ فأَخبَرَه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالَّذِي رأَى مِن ذَلِكَ. فقالَ له ورَقَةُ: هَذا النّاموسُ الَّذِي أنزَلَه اللهُ على موسَى عَلَيه السَّلامُ، يا لَيتَنِي أكونُ حينَ يُخرِجُكَ قَومُكَ. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أوَمُخرِجِيَّ هُم؟ ". قال: نَعَم، لَم يأتِ رَجُلٌ بمِثلِ ما جِئتَ به إلَّا عودِيَ، وإِن يُدرِكْنِي يَومُكَ أنصُرْكَ نَصرًا مُؤَزَّرًا (٤).

١٣٤٦٥ - وبِهَذا الإسناد، عن ابنِ شِهابٍ قال: سَمِعتُ أبا سلَمةَ بنَ عبد الرَّحمَنِ يقولُ: أخبرَنِي جابِرُ بن عبد اللهِ الأنصارِيُّ - رضي الله عنهما - أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ثُمَّ فتَرَ الوَحيُ عَنِّي، فبَينَما أنا أمشِي سَمِعتُ صَوتًا مِنَ

---

(١) في م: "دفع".
(٢) ليس في: س، م.
(٣) في حاشية الأصل: "بخطه: يا ابن أخى".
(٤) المصنف في الدلائل ٢/ ١٣٩، ١٤٠. وأخرجه أحمد (٢٥٩٥٩)، وابن حبان (٣٣) من طريق الزهري عن عروة مطولًا.