للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا أتَته صَدَقَةٌ بَعَثَ بها إلَيهِم ولَم يَتَناوَلُ مِنها شَيئًا، وإِذا أتَته هَديَّةٌ أرسَلَ إلَيهِم فأَصابَ مِنها وأَشرَكَهُم فيها، فساءَنِي ذَلِكَ، قُلتُ: وما هَذا اللَّبَنُ في أهلِ الصُّفَّةِ؟! كُنتُ أرجو أن أُصيبَ مِن هَذا اللَّبَنِ شَربَةً أتَقَوَّى بها، وأَنا الرَّسولُ فإِذا جاءوا أمَرَنِي أن أُعطيَهُم، وما عَسَى أن يَبلُغَنِي مِن هَذا اللَّبَنِ؟! ولَم يَكُنْ مِن طاعَةِ اللَّهِ وطاعَةِ رسولِه بُدٌّ، فأَتَيتُهُم فدَعَوتُهُم فأقبَلوا حَتَّى استأذَنوا فأذِنَ لَهُم وأَخَذوا مَجالِسَهُم مِنَ البَيت، فقالَ: "يا أبا هريرةَ". فقُلتُ: لَبَّيكَ يا رسولَ اللَّهِ. قال: " خُذ فأَعطِهِم". فأَخَذتُ القَدَحَ فجَعَلتُ أُعطيه الرَّجُلَ فيَشرَبُ حَتَّى يَروَى، ثُمَّ يَرُدُّ عليّ القَدَحَ فأُعطيه الآخَرَ فيَشرَبُ حَتَّى يَروَى، ثُمَّ يَرُدُّ عليّ القَدَحَ، حَتَّى انتَهَيتُ إلَى رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وقَد رَوِيَ القَومُ كُلُّهُم، فأَخَذَ القَدَحَ فوَضَعَه على يَدِه ونَظَرَ إلَيَّ وتبَسَّمَ وقالَ: "يا أبا هريرةَ". قُلتُ: لَبَّيكَ يا رسولَ اللَّهِ. قال: " بَقِيتُ أنا وأَنتَ". قُلتُ: صَدَقتَ يا رسولَ اللَّهِ. قال: "اقعُدَ فاشرَبْ". فقَعَدتُ فشَرِبتُ، فقالَ: "اشرَبْ". فشَرِبتُ، ثم قالَ: "اشرَبْ". فشَرِبتُ، فما زالَ يقولُ: "اشَرَبْ". فأَشرَبُ، حَتَّى قُلتُ: لا، والَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أجِدُ له مَسلَكًا. قال: "فادنُ" (١). فأَعطَيتُه القَدَحَ فحَمِدَ اللَّهَ وسمَّى وشَرِبَ الفَضلَةَ (٢). رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن أبي نُعَيمٍ (٣).


(١) في ص ٧: " فأذن فأذن".
(٢) تقدم في (٤٣٩٥).
(٣) البخاري (٦٤٥٢).