للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جاءَت بَريرَةُ إِلَىَّ فقالَت: يا عائشَةُ إِنِّى كاتَبتُ أَهلِى على تسعةِ (١) أَواقٍ، فى كُلِّ عامٍ أوقيَّةٌ فأَعينينِى. ولَم تَكُنْ قَضَت مِن كِتابَتِها شَيئًا، فقالَت لَها عائشَةُ ونَفِسَت فيها (٢): ارجِعِى إِلَى أَهلِكِ فإِن أَحَبّوا أَن أُعطيَهُم ذَلِكَ جَميعًا ويَكونَ ولاؤُكِ لى فعَلتُ. فذَهَبَت بَريرَةُ إِلَى أَهلِها فعَرَضَت ذَلِكَ عَلَيهِم فأَبَوا، وقالوا: إِن شاءَت أَن تَحتَسِبَ عَلَيكِ فلتَفعَلْ ويَكونَ ولاؤُكِ لَنا. فذَكَرَت ذَلِكَ عائشَةُ لِرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالَ: "لا يَمنَعُكِ ذَلِكَ مِنها؛ ابتاعِى وأَعتِقِى فإِنَّما الوَلاءُ لِمَن أَعتَقَ". ففَعَلَت، وقامَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فى النّاسِ فحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قال: "أَمّا بَعدُ، فما بالُ ناسٍ يَشتَرِطونَ شُروطًا لَيسَت فى كتابِ اللَّهِ تَعالَى (٣)! مَنِ اشتَرَطَ شَرطًا لَيسَ فى كِتابِ اللَّهِ فهوَ باطِلٌ وإِن كان مِائَةَ شَرطٍ، قَضاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وشَرطُ اللَّهِ أَوثَقُ، وإنَّما الوَلاءُ لِمَن أَعتَقَ" (٤). رَواه البخارىُّ ومُسلِمٌ فى "الصحيح" عن قُتَيبَةَ عن اللَّيثِ (٥)، ورَواه مسلمٌ عن أبى الطّاهِرِ عن ابنِ وهبٍ عن يونُسَ (٦).

قال الشّافِعِىُّ: وقَد يُروَى عنه: "المُسلِمونَ على شُروطِهِم، إِلَّا شَرطًا أَحَلَّ حَرامًا أَو حَرَّمَ حَلالًا". ومُفَسَّرُ حَديثِه يَدُلُّ على جُملَتِهِ (٧).


(١) كذا فى حاشية الأصل، وكتب فوقها: "بخطه". وهو موافق لمصادر التخريج. وفى النسخ: "سبعة".
(٢) نفس فى الشئ: رغب فيه. ينظر إكمال المعلم ٦/ ٨٥.
(٣) بعدها فى س، م: "ولا سنة نبيه".
(٤) أخرجه النسائى (٤٦٧٠)، والطحاوى فى شرح المعانى ٤/ ٤٣ من طريق يونس به. وأحمد (٢٤٥٢٢)، وأبو داود (٣٩٢٩)، والترمذى (٢١٢٤) من طريق الليث به.
(٥) البخارى (٢٥٦١)، ومسلم (١٥٠٤/ ٦).
(٦) مسلم (١٥٠٤/ ٧).
(٧) الأم ٥/ ٧٤.