للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِعْرَاضًا} إلَى تَمامِ آيَتَينِ؛ أنَّ المَرءَ إذا نَشَزَ عنِ امرأتِه (١) وآثَرَ عَلَيها، فإِنَّ مِنَ الحَقِّ عَلَيه أن يَعرِضَ عَلَيها أن يُطَلِّقَها أو تَستَقِرَّ عِندَه على ما كانَت مِن أُثْرَةٍ (٢) في القَسمِ مِن نَفسِه ومالِه، فإِنِ استَقَرَّت عِندَه على ذَلِكَ وكَرِهَت أن يُطَلِّقَها، فلا حَرَجَ عَلَيه فيما آثَرَ عَلَيها مِن ذَلِكَ. فإِن لَم يَعرِضْ عَلَيها الطَّلاقَ، وصالَحَها على أن يُعطيَها مِن مالِه ما تَرضَى (٣) وتَقَرَّ عِندَه على الأُثرَةِ في القَسمِ مِن مالِه ونَفسِه، صَلَحَ له ذَلِكَ، وجازَ صُلحُهُما عَلَيه. كَذَلِكَ ذَكَرَ سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ وسُلَيمانُ، الصُّلحَ الَّذِى قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا (٤) بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}. وقَد ذُكِرَ لِى (٥) أنَّ رافِعَ بنَ خَديجٍ الأنصارِىَّ - وكانَ مِن أصحابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كانَت عِندَه امرأةٌ، حَتَّى إذا كَبِرَت تَزَوَّجَ عَلَيها فتاةً شابَّةً، فآثَرَ عَلَيها الشّابَّةَ، فناشَدَتْه الطَّلاقَ فطَلَّقَها تَطليقَةً، ثُمَّ أمهَلَها حَتَّى إذا كادَت تَحِلُّ راجَعَها، ثُمَّ عادَ فآثَرَ الشّابَّةَ عَلَيها، فناشَدَتْه الطَّلاقَ فطَلَّقَها تَطليقَةً أُخرَى، ثُمَّ أمهَلَها حَتَّى إذا كادَت تَحِلُّ راجَعَها، ثُمَّ عادَ فآثَرَ الشّابَّةَ عَلَيها، فناشَدَته الطَّلاقَ فقالَ لَها: ما شِئتِ، إنَّما بَقِيَتْ لَكِ تَطليقَةٌ واحِدَةٌ؛ فإِن شِئتِ استَقرَرْتِ على ما تَرَىْ (٦) مِنَ الأُثْرَةِ، وإِن


(١) نشز الرجل على زوجته: إذا كره معاشرتها. الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص ٣٢٢.
(٢) الأُثْرة: الحال غير المرضية. المخصص ٣/ ٤٦٠.
(٣) في س، م: "ترضاه".
(٤) كذا في م. وفى الأصل: "يصالحا".
(٥) القائل هنا هو ابن شهاب كما جاء في المدونة ٢/ ٣٣٥ مصرحًا.
(٦) هكذا في النسخ بحذف النون، وهو لغة. وينظر ما تقدم عقب (٦٥٦٥).