للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَقِبَه، فمالَ الناسُ على عبد الرَّحمَنِ يُشاوِرُونَه ويُناجونَه تِلكَ اللَّيلَةَ (١)، حَتَّى إذا كانَتِ اللَّيلَةُ التي أصبَحنا فيها (٢) فبايَعْنا عثمانَ. قال المِسوَرُ: طَرَقَنِي عبدُ الرَّحمَنِ بعدَ هَجْعٍ (٣) مِنَ اللَّيلِ فضَرَبَ البابَ فاستَيقَظتُ، فقالَ: ألَا أراكَ نائمًا، فواللهِ ما اكتَحَلتُ هذه الثَّلاثَ بكَثيرِ نَومٍ، انطَلِقْ فادعُ الزُّبَيرَ وسَعدًا. فدَعَوتُهُما له فشاوَرَهُما، ثُمَّ دَعانَي فقالَ: ادعُ لِي عَليًّا. فدَعَوتُه فناجاه حَتَّى ابهارَّ اللَّيلُ (٤)، ثُمَّ قامَ مِن عِندِه على طَمَعٍ، وقَد كان عبدُ الرَّحمَنِ يَخشَى مِن عليٍّ شَيئًا، ثُمَّ قال: ادعُ لي عثمانَ. فناجاه طَويلًا حَتَّى فرَّقَ بَينَهُما المُؤَذِّنُ بالصُّبحِ، فلَمّا صَلَّى الناسُ الصُّبحَ واجتَمَعَ أولَئكَ الرَّهطُ عِندَ المِنبَر، فأرسَلَ عبدُ الرَّحمَنِ إلَى مَن كان حاضِرًا مِنَ المُهاجِرينَ والأنصار، وأرسَلَ إلَى الأُمَراء، وكانوا قَد وافَوا تِلكَ الحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فلَقا اجتَمَعوا تَشَهَّدَ عبدُ الرَّحمَنِ وقالَ: أمَّا بَعدُ يا عليُّ، فإِنِّي قَد نَظَرتُ في أمرِ النّاسِ فلَم أرَهُم يَعدِلونَ بعُثمانَ، فلا تَجعَلَنَّ على نَفسِكَ سَبيلًا، وأخَذَ بيَدِ عثمانَ وقالَ: أُبايِعُكَ على سُنَّةِ اللّهِ وسُنَّةِ رسولِه والخَليفَتَينِ مِن بَعدِه، فبايَعَه عبدُ الرَّحمَنِ وبايَعَه الناسُ المُهاجِرونَ والأنصارُ وأُمَراءُ الأجنادِ والمُسلِمونَ (٥). رَواه


(١) في حاشية الأصل: "الليالى".
(٢) في حاشية الأصل: "منها".
(٣) الهجع: طائفة من الليل، والهجعة: النومة الخفيفة في أول الليل. غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ٤٩١.
(٤) ابهار الليل: أي انتصف، وبهرة كل شيء وسطه. وقيل: ابهار الليل، إذا طلعت نجومه واستنارت. والأول أكثر. النهاية ١/ ١٦٥.
(٥) أخرجه عبد الرزاق ٥/ ٤٧٧ (٩٧٧٥) من طريق الزهري به.