للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَه اللَّهُ: يَعنِي، فيما أرَى واللَّهُ أعلمُ، أنَّه مُجاهِدُهُم على الصلاةِ وأنَّ الزَّكاةَ مِثلُها. قال الشّافِعِيُّ: ولَعَلَّ مَذهَبَه فيه أن اللَّهَ يقولُ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: ٥]، وأنَّ اللَّهَ فرَضَ عَلَيهِم شَهادَةَ الحَقِّ والصِّلاةَ والزَّكاةَ، وأنَّه مَتَى مَنَعَ فرضًا قَد لَزِمَه لَم يُترَكْ ومَنْعَه حَتَّى يُؤَدِّيَه أو يُقتَلَ (١).

قال الشيخُ رَحِمَه اللَّهُ: وأمّا قَولُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فواللهِ ما هو إلَّا أنِّي رأيتُ اللَّهَ قَد شَرَحَ صَدرَ أبي بكرٍ لِلقِتال، فعَرَفتُ أنَّه الحَقُّ. يُريدُ: أنَّه انشِراحُ (٢) صَدرِه بالحُجَّةِ التي أدلَى بها، والبُرهانِ الَّذِي أقامَه. وقالَ بَعضُ أئمَّتِنا رَحِمَهُمُ اللَّهُ: قَد وقَعَ اختِصارٌ في رِوايَةِ هذا الحَديث، وقَد صَحَّ عن النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِن أوجُهٍ كَثيرَةٍ أنَّه أمَرَ بالقِتالِ على الشَّهادَتَين، وعَلَى إقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، فأبو بكرٍ الصِّدّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّما قاتَلَ مانِعِي الزَّكاةِ بالنَّصِّ مَعَ ما ذَكَرَ مِنَ الدَّلالَة، وعُمَرُ بن الخطابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّما سَلَّمَ ذَلِكَ له حينَ قامَت عَلَيه الحُجَّةُ بما رَوَى فيه مِنَ النَّصِّ وذَكَرَ فيه مِنَ الدَّلالَة، لا أنَّه قَلَّدَه فيهِ.

١٦٨١٠ - أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، حَدَّثَنَا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حَدَّثَنَا محمدُ بن سِنانٍ القَزّازُ، حَدَّثَنَا عمرُو بن عاصِمٍ الكِلابِيُّ، حَدَّثَنَا عِمرانُ بن داوَرٍ القَطّانُ، حَدَّثَنَا مَعمَرُ بن راشِدٍ، عن الزُّهرِيِّ، عن أنَسٍ قال: لَمّا توُفِّيَ رسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ارتَدَّتِ العَرَبُ. قال: فقالَ


(١) الأم ٤/ ٢١٥.
(٢) في ص ٨، م: "انشرح".