للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالبَصرَةِ، قال: غُمَّ أبي غَمًّا شَديدًا فقالَ: انطَلِقْ - لا أبا لَكَ - إلَى هذا الرَّجُلِ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إلَى أبي بَرْزَةَ الأسلَمِيِّ. قال: فانطَلَقتُ مَعَه حَتَّى دَخَلنا عَلَيه في دارِه، فإِذا هو قاعِدٌ في ظِلِّ عُلْوٍ له مِن قَصَبٍ في يَومٍ حارٍّ شَديدِ الحَرِّ، فجَلَسنا إلَيه، فأنشأ أبي يَستَطعِمُه قال: يا أبا بَرْزَةَ ألا تَرَى؟ ألا تَرَى؟ قال: فكانَ أوَّلَ شَئٍ تَكَلَّمَ به أن قال: إنِّي أحتَسِبُ عِندَ اللهِ أنِّي أصبَحتُ ساخِطًا على أحياءِ قُرَيشٍ؛ إنَّكُم مَعشَرَ العُرَيبِ كُنتُم على الحالِ التي قَد عَلِمتُم في جاهِليَّتِكُم مِنَ القِلَّةِ والذِّلَّةِ والضَّلالَة، وإِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ نَعَشَكُم (١) بالإسلامِ وبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ بكُم ما تَرَونَ، وإِنَّ هذه الدُّنيا التي أفسَدَت بَينَكُم؛ إنَّ ذاكَ الَّذِي بالشّامِ - يَعنِي مَروانَ - واللهِ ما يُقاتِلُ إلَّا على الدُّنيا، وإِنَّ ذاكَ الَّذِي بمَكَّةَ واللهِ إنْ يُقاتِلُ إلَّا على الدُّنيا، وإِنَّ الَّذينَ حَولَكُمُ الَّذينَ تَدعونَهُم قُرّاءَكُم واللهِ إنْ يُقاتِلونَ إلَّا على الدُّنيا. قال: فلَمّا لَم يَدَعْ أحَدًا قال له أبي: فما تأمُرُنا إذن؟ قال: إنِّي لا أرَى خَيرَ النّاسِ اليَومَ إلَّا عِصابَةً مُلبِدَةً (٢) - وقالَ بيَدِه - خِماصَ البُطونِ (٣) مِن أموالِ النّاس، خِفافَ الظُّهورِ مِن دِمائهِم (٤). أخرَجَه البخاريُّ في "الصحيح" مِن حَديثِ عَوفٍ الأعرابِيِّ (٥).


(١) نعشكم: رفعكم. ينظر التاج ١٧/ ٤١٧ (ن ع ش).
(٢) الملبد: المبهم اللاصق بالأرض، وأراد الذين لا يخاصمون. غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ٣١٢.
(٣) خماص البطون: أي أنهم أعفة عن أموال الناس، فهم ضامرو البطون من ذلك. ينظر النهاية ٢/ ٨٠.
(٤) يعقوب بن سفيان - كما في فتح الباري ١٣/ ٧٢. وأخرجه أحمد (١٩٨٠٥) من طريق أبي المنهال به بنحوه، وفيه زيادة.
(٥) البخاري (٧١١٢).