للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اتَّقَيتَ اللهَ اجتَنَبتَ ما حَرَّمَ اللهُ عَلَيكَ. قال: ثُمَّ أقبَلَ عُمَرُ - رضي الله عنه - على النّاسِ فقالَ: ماذا تَرَونَ في جَلدِ قُدامَةَ؟ قالوا: لا نَرَى أن تَجلِدَه ما كان مَريضًا. فسَكَتَ عن ذَلِكَ أيَّامًا، ثُمَّ أصبَحَ يَومًا وقَد عَزَمَ على جَلدِه فقالَ لأصحابِه: ما تَرَونَ في جَلدِ قُدامَةَ؟ فقالَ القَومُ: ما نَرَى أن تَجلِدَه ما دامَ وجِعًا. فقالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: لأن يَلقَى اللهَ عَزَّ وجَلَّ تَحتَ السّياطِ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن يَلقاه وهو في عُنُقِي، ائتونِى بسَوطٍ تامٍّ. فأمَرَ عُمَرُ - رضي الله عنه - بقُدامَةَ فجُلِدَ، فغاضَبَ عُمَرَ - رضي الله عنه - قُدامَةُ وهَجَرَه، فحَجَّ وحَجَّ قُدامَةُ مَعَه مُغاضِبًا له، فلَمّا قَفَلا مِن حَجِّهِما ونَزَلَ عُمَرُ بالسُّقيا (١) واستَيقَظَ عُمَرُ مِن نَومِه فقالَ: عَجِّلوا علىَّ بقُدامَةَ فأْتونِى به؛ فواللهِ إنِّي لأرَى أنَّ آتيًا أتانِى فقالَ: سالِمْ قُدامَةَ؛ فإِنَّه (٢) أخوكَ. فعَجِّلوا إلَيَّ به. فلَمّا أتَوه أبَى أن يأتِىَ، فأمَرَ به عُمَرُ - رضي الله عنه - إن أبَى أن يُجَرَّ إلَيه حَتَّى كَلَّمَه واستَغفَرَ له، وكانَ ذَلِكَ أوَّلَ صُلحِهِما (٣).

في ابتِداءِ هذه القِصَّةِ ما دَلَّ على أن عُمَرَ - رضي الله عنه - تَوَقَّفَ في قَبولِ شَهادَتِهِما حينَ (٤) لَم يَجتَمِعا على شُربِه، وحينَ حَدَّه يَحتَمِلُ أن يَكونَ ثَبَتَ عِندَه شُربُه بإِقرارِه أو شَهادَةِ آخَرَ على شُربِه مَعَ الجارودِ (٥).


(١) تقدم تحديد موضعه في (٦٧٢٨).
(٢) في م: "فإنى".
(٣) عبد الرزاق (١٧٠٧٦). وأخرجه ابن سعد ٥/ ٥٦٠، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (١٦٣٦)، وابن شبة في تاريخ المدينة ٣/ ٨٤٢ - ٨٤٤ من طريق معمر به. وأخرجه البخاري (٤٠١١) مقتصرًا على أوله، وفى التاريخ الصغير ١/ ٦٨ من طريق الزهري به.
(٤) في م: "حيث".
(٥) قال الذهبي ٧/ ٣٤٦١: لم يتوقف إلا لكون الشاهد نصب نفسه خصما.