للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ببَغدادَ، أخبرَنا إسماعيلُ بنُ محمدٍ الصَّفّارُ، حدثنا أحمدُ بنُ مَنصورٍ الرَّمادِىُّ، حدثنا عبدُ الرَّزّاقِ، عن مَعمَرٍ، عن الزُّهرِيِّ، أخبرَنِى عبدُ اللَّهِ بنُ عامِرِ بنِ رَبيعَةَ - وكانَ أبوه قَد شَهِدَ بَدرًا - أن عُمَرَ - رضي الله عنه - استَعمَلَ قُدامَةَ بنَ مَظعونٍ على البحرَينِ - وهو خالُ حَفصَةَ وعَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ - فقَدِمَ الجارودُ سَيِّدُ عبدِ القَيسِ على عُمَرَ فقالَ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنَّ قُدامَةَ شَرِبَ فسَكِرَ، وإِنِّى رأيتُ حَدًّا مِن حُدودِ اللَّهِ حَقًّا علىَّ أن أرفَعَه إلَيكَ. فقالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: مَن شَهِدَ مَعَكَ؟ قال: أبو هُرَيرَةَ. فدَعا أبا هريرةَ فقالَ: بمَ تَشهَدُ؟ قال: لَم أرَه شَرِبَ (١) ولَكِنِّى رأيتُه سَكرانَ يَقِئُ. فقالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: لَقَد تَنَطَّعتَ في الشَّهادَةِ. قال: ثُمَّ كَتَبَ إلَى قُدامَةَ أن يَقدَمَ عَلَيه مِنَ البحرَينِ، فقَدِمَ فقامَ إلَيه الجارودُ فقالَ: أقِمْ على هذا كِتابَ اللَّهِ. فقالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: أخَصمٌ أنتَ أم شَهيدٌ؟ قال: بَل شَهيدٌ. قال: فقَد أدَّيتَ الشَّهادَةَ. فصَمَتَ الجارودُ حَتَّى غَدا على عُمَرَ فقالَ: أقِمْ على هذا حَدَّ اللهِ. فقالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: ما أراكَ إلَّا خَصمًا، وما شَهِدَ مَعَكَ إلَّا رَجُلٌ. فقالَ الجارودُ: إنِّي أنشُدُكَ اللهَ. فقالَ عُمَرُ: لَتُمسِكَنَّ لِسانَكَ أو لأسوءَنَّكَ. فقالَ أبو هريرةَ: إن كُنتَ تَشُكُّ في شَهادَتِنا فأرسِلْ إلَى ابنَةِ الوَليدِ فسَلْها. وهِىَ امرأةُ قُدامَةَ، فأرسَلَ عُمَرُ - رضي الله عنه - إلَى هِندَ بنتِ الوَليدِ يَنشُدُها، فأقامَتِ الشَّهادَةَ على زَوجِها، فقالَ عُمَرُ لِقُدامَةَ: إنِّي حادُّكَ. فقالَ: لَو شَرِبتُ كما يَقولونَ ما كان لَكُم تَجلِدونِى. فقالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: لِمَ؟ قال قُدامَةُ: قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآيَة [المائدة: ٩٣]. قال عُمَرُ - رضي الله عنه -: إنَّكَ أخطأتَ التّأويلَ، إنِ


(١) في ص ٨، وحاشية الأصل: "يشرب".