للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجلسه، حمل يده بالأخرى.

ابن سعد: حدثنا الواقدي قال: لما دعي مالك، وشوور، وسمع منه، وقبل قوله، حسد، وبغوه بكل شيء، فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة، سعوا به إليه، وكثروا عليه عنده، وقالوا: لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره: أنه لا يجوز عنده، قال: فغضب جعفر، فدعا بمالك، فاحتج عليه بما رفع إليه عنه، فأمر بتجريده، وضربه بالسياط، وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه، وارتكب منه أمر عظيم، فوالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو. (١)

" التعليق:

قلت: انظر رحمك الله إلى ثمرة المحنة في الله كيف عاقبتها، وانظر ثبات الإمام مالك على فتواه المستندة إلى حديث رواه؛ لم يحد عنها ولم ير مخالفتها إرضاء للحكام في أهوائهم ومظالمهم شأن علماء الوقت الذين يستصدرون الفتاوى بحسب الطلب، بل بلا طلب، لتحليل الربا والخمور والسفور والأموال والدماء والفروج ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال الذهبي رحمه الله: هذا ثمرة المحنة المحمودة، أنها ترفع العبد عند المؤمنين، وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا، ويعفو الله عن كثير، ومن يرد الله به خيرا يصب منه (٢) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل قضاء المؤمن خير له" (٣) وقال الله


(١) السير (٨/ ٧٩ - ٨٠).
(٢) أحمد (٢/ ٢٣٧) والبخاري (١٠/ ١٢٨/٥٦٤٥) والنسائي في الكبرى (٤/ ٣٥١/٧٤٧٨) من حديث أبي هريرة.
(٣) أحمد (٣/ ١١٧و١٨٤) وابن حبان (٢/ ٥٠٧/٧٢٨) وأبو يعلى (٧/ ٢٢٠ - ٢٢١/ ٤٢١٧و٤٢١٨) من حديث أنس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عجبت للمؤمن لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له". وذكره الهيثمي (٧/ ٢٠٩ - ٢١٠) وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات، وأحد أسانيد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح غير أبي بحر ثعلبة، وهو ثقة". وفي الباب عن صهيب وسعد بن أبي وقاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>