للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدع النبوة وإنما كان يغلو في الرفض. (١)

[موقفه من الصوفية:]

قال رحمه الله: المراد بتوحيد الله تعالى الشهادة بأنه إله واحد، وهذا الذي يسميه بعض غلاة الصوفية توحيد العامة، وقد ادعى طائفتان في تفسير التوحيد أمرين اخترعوهما، أحدهما: تفسير المعتزلة كما تقدم، ثانيهما: غلاة الصوفية، فإن أكابرهم لما تكلموا في مسألة المحو والفناء، وكان مرادهم بذلك المبالغة في الرضا والتسليم وتفويض الأمر، بالغ بعضهم حتى ضاهى المرجئة في نفي نسبة الفعل إلى العبد، وجر ذلك بعضهم إلى معذرة العصاة، ثم غلا بعضهم فعذر الكفار، ثم غلا بعضهم فزعم أن المراد بالتوحيد اعتقاد وحدة الوجود. (٢)

- وقال رحمه الله: واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب (٣) على إباحة الغناء وسماعه بآلة، وبغير آلة، ويكفى في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها: "وليستا بمغنيتين" فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ، لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم الذي تسميه العرب النصب بفتح النون وسكون المهملة وعلى الحداء، ولا يسمى فاعله مغنيا وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح. (٤)


(١) الفتح (١٣/ ١٠٨).
(٢) الفتح (١٣/ ٣٤٨).
(٣) أي حديث عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ... الحديث. أخرجه أحمد (٦/ ٨٤) والبخاري (٢/ ٥٥٩/٩٤٩ - ٩٥٠) ومسلم (٢/ ٦٠٩/٨٩٢ (١٩)) والنسائي (٣/ ٢١٨/١٥٩٦).
(٤) فتح الباري (٢/ ٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>