للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقفه من الجهمية:]

- قال عمرو بن عثمان المكي في كتابه الذي سماه 'التعرف بأحوال العباد والمتعبدين' قال: (باب ما يجيء به الشيطان للتائبين) وذكر أنه يوقعهم في القنوط، ثم في الغرور وطول الأمل ثم في التوحيد. فقال: من أعظم ما يوسوس في "التوحيد" بالتشكيل أو في صفات الرب بالتمثيل والتشبيه، أو بالجحد لها والتعطيل وقال بعد ذكر حديث الوسوسة: واعلم رحمك الله أن كلما توهمه قلبك، أو سنح في مجاري فكرك، أو خطر في معارضات قلبك، من حسن أو بهاء، أو ضياء أو إشراق أو إجمال، أو سنح مسائل أو شخص متمثل: فالله تعالى بغير ذلك، بل هو تعالى أعظم وأجل، وأكبر ألا تسمع لقوله:} {ليس كمثله شيءٌ} (١) وقوله: {وَلَمْ يكن لَهُ كُفُوًا أحدٌ} (٢) أي لا شبيه ولا نظير ولا مساوي ولا مثل، أو لم تعلم أنه لما تجلى للجبل تدكدك لعظم هيبته؟ وشامخ سلطانه؟ فكما لا يتجلى لشيء إلا اندك، كذلك لا يتوهمه أحد إلا هلك. فرد بما بين الله في كتابه من نفسه عن نفسه التشبيه والمثل، والنظير والكفؤ. فإن اعتصمت بها وامتنعت منه أتاك من قبل التعطيل لصفات الرب -تعالى وتقدس- في كتابه وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال لك: إذا كان موصوفا بكذا أو وصفته أوجب له التشبيه فأكذبه، لأنه اللعين إنما يريد أن يستزلك ويغويك، ويدخلك في صفات الملحدين،


(١) الشورى الآية (١١).
(٢) الإخلاص الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>