للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كامله، لأنه لو كمل لأحد منهم كمالا تجوز له الشهادة به، لجازت الشهادة له بالجنة، لأن من أدى جميع فرائض الله فلم يبق عليه منها شيء، واجتنب جميع معاصيه فلم يأت منها شيئاً ثم مات على ذلك، فلا شك أنه من أهل الجنة. ولذلك قال عبد الله بن مسعود في الذي قيل له: إنه قال: إني مؤمن ألا قال: إني من أهل الجنة.

لأن اسم الإيمان بالإطلاق إنما هو للكمال. ومن كان كاملاً كان من أهل الجنة، غير أن إيمان بعضهم أزيد من إيمان بعض، وإيمان بعض أنقص من إيمان بعض، فالزيادة فيه بزيادة العبد بالقيام باللازم له من ذلك. (١)

[موقفه من القدرية:]

- قال رحمه الله: فإن قال قائل: فهل من معاني المعرفة شيء سوى ما ذكرت؟ قيل: لا.

فإن قال: فهل يكون عارفاً به من زعم أنه يفعل العبد ما لا يريده ربه ولا يشاء؟ قيل: لا. وقد دللنا فيما وصفناه بالعزة التي لا تشبهها عزة على ذلك. وذلك أنه من لم يعلم أنه لا يكون في سلطان الله -عز ذكره- شيء إلا بمشيئته، ولا يوجد موجود إلا بإرادته، لم يعلمه عزيزاً. وذلك أن من أراد شيئاً فلم يكن وكان ما لم يرد، فإنما هو مقهور ذليل، ومن كان مقهوراً ذليلاً فغير جائز أن يكون موصوفاً بالربوبية.

فإن قال: فإن من يقول هذا القول يزعم أن إرادة الله ومشيئته: أمره ونهيه، وليس في خلاف العبد الأمر والنهي قهر له؟


(١) التبصرة (ص.١٩٧ - ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>