للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم

أي إن أتاه فقير. فأي فضيلة في هذا القول لإبراهيم - صلى الله عليه وسلم -؟ أما تعلمون أن الناس جميعا، فقراء إلى الله تعالى؟ وهل إبراهيم في "خليل الله" إلا كما قيل "موسى كليم الله". و"عيسى روح الله"؟. (١)

[موقفه من الخوارج:]

- قال أبو محمد: ثم نصير إلى "بكر" صاحب البكرية، وهو من أحسنهم حالا في التوقي. فنجده يقول: من سرق حبة من خردل، ثم مات غير تائب من ذلك، فهو خالد في النار، مخلد أبدا، مع اليهود والنصارى.

وقد وسع الله تعالى للمسلم أن يأكل من مال صديقه، وهو لا يعلم. ووسع لداخل الحائط أن يأكل من ثمره، ولا يحمل. ووسع لابن السبيل إذا مر في سفره بغنم وهو عطشان أن يصيب من رسلها. فكيف يعذب من أخذ حبة من خردل، لا قدر لها، ويخلده في النار أبدا؟. وأي ذنب هو أخذ حبة من خردل، حتى يكون منه توبة، أو يقع فيه إصرار؟ وقد يأخذ الرجل الخلال من حطب أخيه، والمدر من مدره، ويشرب الماء من حوضه، وهذا أعظم قدرا من الحبة.

وكان يقول: إن الأطفال لا تألم. فإذا سئل، فقيل له: فما باله يبكي إذا قرص أو وقعت عليه شرارة. قال: إنما ذلك عقوبة لأبويه والله تعالى أعدل من أن يؤلم طفلا لا ذنب له. فإذا سئل عن البهيمة وألمها، وهي لا ذنب لها،


(١) تأويل مختلف الحديث (٦٩ - ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>