للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما تزكى به النفوس وتطهر به، فإن الله تعالى شرع على ألسنة الرسل كلها ما تزكو به النفوس وتطهر من أدناسها وأوضارها، ولم يشرع على لسان أحد من الرسل في ملة من الملل أشياء من ذلك، وإنما يأمر بتزكية النفوس بذلك من لا يتقيد بمتابعة الرسل من أتباع الفلاسفة، كما يأمرون بعشق الصور، وذلك كله مما تحيى به النفوس الأمارة بالسوء لما لها فيه من الحظ، ويقوى به الهوى وتموت به القلوب المتصلة بعلام الغيوب، وتبعد به عنه، فغلط هؤلاء واشتبه عليهم حظوظ النفوس وشهواتها بأقوات القلوب الطاهرة والأرواح الزكية المعلقة بالمحل الأعلى. واشتبه الأمر في ذلك أيضا على طوائف من المسلمين بعد انقراض القرون الفاضلة. (١)

[موقفه من الجهمية:]

ذكر في رسالته اللطيفة 'فضل علم السلف على الخلف' أبحاثا منيفة منها قوله وهو يتحدث عن الكلام في الصفات: ومن ذلك أعني محدثات الأمور: ما أحدثه المعتزلة ومن حذا حذوهم من الكلام في ذات الله وصفاته بأدلة العقول، وهو أشد خطرا من الكلام في القدر، لأن الكلام في القدر كلام في أفعاله وهذا كلام في ذاته وصفاته.

وينقسم هؤلاء إلى قسمين:

أحدهما: من نفى كثيرا مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك لاستلزامه عنده التشبيه بالمخلوقين كقول المعتزلة: لو رؤي لكان جسما، ووافقهم من


(١) نزهة الأسماع (ص ٨٠ - ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>