للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفساد حاله أظهر من أن يخفى على أحد؛ وأما الصادقون في دعواهم ذلك -وقليل ما هم- فإنهم ملبوس عليهم حيث تقربوا إلى الله بما لم يشرعه الله، واتخذوا دينا لم يأذن الله فيه، فلهم نصيب ممن قال الله فيه: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} (١).

والمكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق باليد، كذلك قال غير واحد من السلف.

وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٢).

فإنه إنما يتقرب إلى الله بما يشرع التقرب به إليه على لسان رسوله، فأما ما نهي عنه فالتقرب به إليه مضادة لله في أمره.

قال القاضي أبو الطيب الطبري رحمه الله في كتابه في السماع: (اعتقاد هذه الطائفة مخالف لإجماع المسلمين، فإنه ليس فيهم من جعل السماع دينا وطاعة، ولا أرى إعلانه في المساجد والجوامع، وحيث كان من البقاع الشريفة والمشاهد الكريمة، وكان مذهب هذه الطائفة مخالفا لما اجتمعت عليه العلماء؛ ونعوذ بالله من سوء الفتن). انتهى ما ذكره، ولا ريب أن التقرب إلى الله بسماع الغناء الملحن لا سيما مع آلات اللهو مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام بل ومن سائر شرائع المسلمين أنه ليس مما يتقرب به إلى الله ولا


(١) الأنفال الآية (٣٥).
(٢) الشورى الآية (٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>