للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: واليقين: هو العلم الحاصل للقلب بعد النظر والاستدلال، فيوجب قوم التصديق حتى ينفي الريب، ويوجب طمأنينة القلب بالإيمان وسكونه وارتياحه به، وقد جعله ابن مسعود الإيمان كله. وكذا قال الشعبي أيضا.

وهذا مما يتعلق به من يقول: إن الإيمان هو مجرد التصديق؛ حيث جعل اليقين: الإيمان كله، فحصره في اليقين؛ ولكن لم يرد ابن مسعود أن ينفي الأعمال من الإيمان؛ إنما مراده: أن اليقين هو أصل الإيمان كله، فإذا أيقن القلب بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر انبعثت الجوارح كلها للاستعداد للقاء الله تعالى بالأعمال الصالحة فنشأ ذلك كله عن اليقين.

قال الحسن البصري: ما طلبت الجنة إلا باليقين، ولا هرب من النار إلا باليقين، ولا أديت الفرائض إلا باليقين، ولا صبر على الحق إلا باليقين.

وقال سفيان الثوري: لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي لطارت القلوب اشتياقا إلى الجنة وخوفا من النار. (١)

[موقفه من القدرية:]

قال رحمه الله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فلو أن الخلق جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله، لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك، لم يقدروا عليه» (٢). هذه رواية الإمام أحمد، ورواية الترمذي بهذا المعنى أيضا، والمراد: أن ما يصيب العبد في دنياه مما يضره أو ينفعه، فكله مقدر


(١) المصدر السابق (١/ ١٥).
(٢) تقدم تخريجه في مواقف أبي عثمان الصابوني سنة (٤٤٩هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>