تقدم ما ذكره الذهبي في أمره بإحراق كتب أبي حامد، وهذا أمر قد أجمع عليه المؤرخون، بل قد ذكر في المغرب أنه أمر بإحراق كتاب كل بدعة، ولم يقتصر على إحراق الإحياء فقط. وهذا الأمر شكره عليه الأولون والآخرون، ولكن كما تقدم في موقف البربهاري: مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب، ويخرجون أذنابهم، فإذا تمكنوا لدغوا، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس، فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون، فرغم المجهودات التي بذلها علماء السلف في دحض البدع، ما تزال إلى الآن بادية أعناقها، فاتحة فمها تريد ابتلاع كل من يدعو الناس إلى الرجوع إلى مذهب السلف، ولعل الله ييسر لها سيفا مهندا فيكسر الفم ويقطعه شقين، ويرميه إلى الكلاب تتناحر عليه. والله المستعان.
جاء في الفكر السامي: وكان علي بن يوسف واقفا كأبيه عند إشارة الفقهاء وأهل العلم قد رد جميع الأحكام إليهم، فلما أفتوه بإحراق كتاب الإحياء كتب إلى أهل مملكته في سائر الأمصار والأقطار بأن يبحث عن نسخ الإحياء بحثا أكيدا، ويحرق ما عثر عليه منها، فجمع من نسخها عدد كثير ببلاد الأندلس، ووضعت بصحن جامع قرطبة، وصب عليها الزيت ثم أوقد عليها بالنار. وكذا فعل بما ألفي من نسخها بمراكش، وتوالى الإحراق عليها في سائر بلاد المغرب.
وفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة توفي الشيخ الفقيه أبو العباس أحمد ابن محمد ... وسعي به إلى أمير المسلمين علي بن يوسف فأمر بإشخاصه إلى