الهدى ابن مريم فيقتله، ويظهر للخلائق أنه كان كاذبا مفتريا، ولو كان إلها لم يقتل فضلا عن أن يصلب ويسمر ويبصق في وجهه، وإن كان المسيح إنما ادعى أنه عبد ونبي ورسول كما شهدت به الأناجيل كلها ودل عليه العقل والفطرة وشهدتم أنتم له بالإلهية -وهذا هو الواقع- فلم تأتوا على إلهيته ببينة غير تكذيبه في دعواه، وقد ذكرتم عنه في أناجيلكم في مواضع عديدة ما يصرح بعبوديته وأنه مربوب مخلوق، وأنه ابن البشر، وأنه لم يدع غير النبوة والرسالة، فكذبتموه في ذلك كله وصدقتم من كذب على الله وعليه. (١)
[موقفه من الرافضة:]
- قال: ولما كان التلقي عنه صلى الله عليه وآله وسلم على نوعين: نوع بوساطة ونوع بغير وساطة، وكان التلقي بلا وساطة حظ أصحابه الذين حازوا قصبات السباق، واستولوا على الأمد، فلا طمع لأحد من الأمة بعدهم في اللحاق، ولكن المبرز من اتبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهاجهم القويم، والمتخلف من عدل عن طريقهم ذات اليمين وذات الشمال، فذلك المنقطع التائه في بيداء المهالك والضلال، فأي خصلة خير لم يسبقوا إليها؟ وأي خطة رشد لم يستولوا عليها؟ تالله لقد وردوا رأس الماء من عين الحياة عذبا صافيا زلالا، وأيدوا قواعد الإسلام فلم يدعوا لأحد بعدهم مقالا، فتحوا القلوب بعدلهم بالقرآن والإيمان، والقرى بالجهاد بالسيف والسنان، وألقوا إلى التابعين ما تلقوه من مشكاة النبوة خالصا صافيا، وكان سندهم فيه عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم عن جبريل عن رب العالمين سندا