بالفكر والروية، لا نكفر بالجهل بها أحداً إلا بعد انتهائها إليه. (١)
[موقفه من الخوارج:]
قال في كتابه 'التبصير في معالم الدين': وأما الذين نقموا على أهل المعاصي معاصيهم، وشهدوا على المسلمين -بمعصية أتوها، وخطيئة فيما بينهم وبين ربهم تعالى ذكره ركبوها- بالكفر، واستحلوا دماءهم وأموالهم من الخوارج.
والذين تبرؤوا من بعض أنبياء الله ورسله، بزعمهم أنهم عصوا الله، فاستحقوا بذلك من الله -جل ثناؤه- العداوة.
والذين جحدوا من الفرائض ما جاءت به الحجة من أهل النقل بنقله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهراً مستفيضاً قاطعاً للعذر، كالذي أنكروا من وجوب صلاة الظهر والعصر، والذين جحدوا رجم الزاني المحصن الحر من أهل الإسلام، وأوجبوا على الحائض الصلاة في أيام حيضها، ونحو ذلك من الفرائض، فإنهم عندي بما دانوا به من ذلك مرقة من الإسلام، خرجوا على إمام المسلمين أو لم يخرجوا عليه. إذا دانوا بذلك بعد نقل الحجة لهم الجماعة التي لا يجوز في خبرها الخطأ، ولا السهو والكذب.
وعلى إمام المسلمين استتابتهم مما أظهروا أنهم يدينون به بعد أن يظهروا الديانة به والدعاء إليه، فمن تاب منهم خلى سبيله، ومن لم يتب من ذلك منهم قتله على الردة، لأن من دان بذلك فهو لدين الله -الذي أمر به عباده بما لا نعذر بالجهل به ناشئاً نشأ في أرض الإسلام- جاحد.
(١) السير (١٤/ ٢٧٩) وانظر التبصير في معالم الدين (١٣٢ - ١٣٩).