للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبراه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على طرقكم وفي فرشكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة». (١)

فهذا سمعهم وسماعهم، وشرعهم وشراعهم، ليس فيه شيء من اللهو واللعب، ولا بين أحوالهم وأحوال المجان والمخانيث تشابه ولا سبب. (٢)

[موقفه من الجهمية:]

قال القرطبي في المفهم في شرح حديث «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» (٣): وهذا الخصم المبغوض عند الله تعالى هو الذي يقصد بخصومته: مدافعة الحق، ورده بالأوجه الفاسدة، والشبه الموهمة، وأشد ذلك الخصومة في أصول الدين، كخصومة أكثر المتكلمين المعرضين عن الطرق التي أرشد إليها كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وسلف أمته إلى طرق مبتدعة، واصطلاحات مخترعة، وقوانين جدلية، وأمور صناعية، مدار أكثرها على مباحث سوفسطائية، أو مناقشات لفظية ترد بشبهها على الآخذ فيها شبه ربما يعجز عنها، وشكوك يذهب الإيمان معها، وأحسنهم انفصالا عنها أجدلهم، لا أعلمهم، فكم من عالم بفساد الشبهة لا يقوى على حلها، وكم من منفصل عنها لا يدرك حقيقة علمها، ثم إن هؤلاء المتكلمين قد ارتكبوا أنواعا من المحال لا يرتضيها البله، ولا الأطفال، لما بحثوا عن تحيز الجواهر، والأكوان،


(١) تقدم في مواقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه سنة (١٣هـ).
(٢) كشف القناع (ص.١٧٩ - ١٨٤).
(٣) أحمد (٦/ ٥٥) والبخاري (٥/ ١٣٤/٢٤٥٧) ومسلم (٤/ ٢٠٥٤/٢٦٦٨) والترمذي (٥/ ١٩٨/٢٩٧٦) والنسائي (٨/ ٦٣٩/٥٤٣٨) عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>