يعظ الناس. تولى قضاء طرسوس. وكان أبوه يقص على الناس الأخبار والآثار، توفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
[موقفه من الجهمية:]
قال أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص: لا خلاف بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد، إذا عدلت نقلته وسلم من النسخ حكمه، وإن كانوا متنازعين في شرط ذلك، وإنما دفع خبر الآحاد بعض أهل الكلام لعجزه -والله أعلم- عن علم السنن، زعم أنه لا يقبل منها إلا ما تواترت به أخبار من لا يجوز عليه الغلط والنسيان، وهذا عندنا منه ذريعة إلى إبطال سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، لوجهين: أحدهما: أن ما شرط من ذلك صفة الأمة المعصومة، والأمة إذا تطابقت على شيء وجب القول به وإن لم يأت خبر. والثاني: أنه لو طولب بسنة يتحاكم إليها المتنازعان تواترت عليها أخبار نقلتها وسلمت من خوف النسيان طرقها لم يجد إليها سبيلاً، وكانت شبهته في ذلك أنه وجد أخبار السنن آخرها عمن لا يجوز عليه الغلط والنسيان، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك يجب أن يكون أولها وأوسطها عن قوم لا يجوز عليهم الغلط والنسيان. قال أبو العباس: فكان ما اعتذر به ثانيا أفسد من جرمه أولا وأقبح، وذلك أن آخر هذه الأخبار عمن صحت نبوته وصدقت المعجزات قوله، فيلزمه على قود اعتلاله أن لا يقبل من الأخبار، إلا ما روت الأنبياء عن الأنبياء، وقد نطق الكتاب بتصديق ما اجتبيناه من تصديق خبر الآحاد، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا