- هذا الحافظ الكبير رغم إمامته العلمية في الحديث وعلومه، وما أكثر ما نقل عنه ابن الصلاح في مقدمته في علم المصطلح، لم يسلم من لسان الشيخ النجدي الذي جعله الله من سلالة أبي بن خلف، لا يترك أحدا اختار منهج السلف منهجه إلا ونال منه، ولكن الله إذا أراد بعبد خيرا هيأ له من يطعن فيه، حتى تعظم حسناته وتوضع الأوزار على الساب والشاتم، وإليك قصيدة هذا الإمام. وهي قصيدة طويلة نأخذ منها ما يتعلق بموضوعنا، ذكرها الذهبي في السير:
وها أنا شارع في شرح ديني ... ووصف عقيدتي وخفي حالي
وأجهد في البيان بقدر وسعي ... وتخليص العقول من العقال
بشعر لا كشعر بل كسحر ... ولفظ كالشمول بل الشمال
فلست الدهر إمعة وما أن ... أزل ولا أزول لذي النزال
فلا تصحب سوى السني دينا ... لتحمد ما نصحتك في المآل
وجانب كل مبتدع تراه ... فما إن عندهم غير المحال
ودع آراء أهل الزيغ رأسا ... ولا تغررك حذلقة الرذال
فليس يدوم للبدعي رأي ... ومن أين المقر لذي ارتحال
يوافي حائرا في كل حال ... وقد خلى طريق الاعتدال
ويترك دائبا رأيا لرأي ... ومنه كذا سريع الانتقال
وعمدة ما يدين به سفاها ... فأحداث من أبواب الجدال
وقول أئمة الزيغ الذي لا ... يشابهه سوى الداء العضال