للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقرآن، واحتاج العباد في القرآن إلى أن فسره لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنته، فقد أقروا بمثل ما أنكروا، لأنهم زعموا أنه لو كان القرآن تنسخه السنة لكان ليس بحجة، إذ كان غيره ينسخه، وإن الله عظم شأنه فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعًا ولا تَفَرَّقُوا} (١) وجعله شفاء لما في الصدور، فأنكروا إذ عظمه الله أن تنسخه سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ثم أقروا أن عامة أحكام الله فيه وأخباره ومدحه لا تعرف إلا بالسنة.

قالوا: وأما قول من خالفنا: إنه لو جاز أن ينسخ القرآن بالسنة، لجاز أن ينسخ كل أحكامه، فلا يكون لله فيه حكم يلزم، فإنه يلزمه أعظم من ذلك إذا أقر أنه لم يعرف جمل فرائض الله إلا بتفسير السنة، فكان جائزا أن يجمل الله كل فرض فيه، فلا ينقص منه شيئا حتى يجعل الله النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المفسر لكل فرض فيه، فلا يكون لله فيه حكم يعرف إلا بالسنة، فقد أقروا بمثل ما قاسوا على من خالفهم، وزادوا معنى هو أكثر، قالوا: لأنا قلنا: إنما ينسخ الله بسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - بعض أحكام القرآن، ولا تنسخ أخباره ولا مدحه، وأقروا أن كثيرا من أخبار الله ومدحه فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنته، فهذا أكثر في المعنى مما قلنا. (٢)

[موقفه من المرجئة:]

- حدثنا إسحاق بن منصور، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا أبو سلمة الحراني، قال: قال مالك وشريك وأبو بكر بن عياش وعبد العزيز بن أبي سلمة وحماد


(١) آل عمران الآية (١٠٣).
(٢) السنة (١٠٩ - ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>