للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقفه من القدرية:]

- قال ابن بطة: الباب الثاني في ذكر ما أعلمنا الله تعالى في كتابه أنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء وأنه لا يهتدي بالمرسلين والكتب والآيات والبراهين إلا من سبق في علم الله أنه يهديه. -ثم ساق رحمه الله مجموعة من الآيات في بيان ذلك- ثم قال: ففي كل هذه الآيات يعلم الله عز وجل عباده المؤمنين أنه هو الهادي المضل، وأن الرسل لا يهتدي بها إلا من هداه الله، ولا يأبى الهداية إلا من أضله الله، ولو كان من اهتدى بالرسل والأنبياء مهتدياً بغير هدايته؛ لكان كل من جاءهم المرسلون مهتدين لأن الرسل بعثوا رحمة للعالمين، ونصيحة لمن أطاعهم من الخليقة أجمعين، فلو كانت الهداية إليهم؛ لما ضل أحد جاءوه. أما سمعت ما أخبرنا مولانا الكريم من نصيحة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وحرصه على إيماننا حين يقول: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} (١)، وبالذي أخبرنا به عن خطاب نوح عليه السلام لقومه: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)} (٢). هذا من أحكام الله وعدله الذي لا يجوز لأحد أن يتفكر فيه ولا يظن فيه بربه غير العدل، وأن يحمل ما جهله من ذلك على


(١) التوبة الآية (١٢٨).
(٢) هود الآية (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>