للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كان مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار. فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعوهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم. هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من المسلمين وبالله التوفيق. (١)

[موقفه من القدرية:]

ذكر حديث افتراق الأمة (٢) ومثل بالقدرية فقال: وبيان ذلك بالمثال: أن القدر أصل من أصول البدع، ثم اختلف أهله في مسائل من شعب القدر، وفي مسائل لا تعلق لها بالقدر، فجميعهم متفقون أن أفعال العباد خلقٌ لهم من دون الله تعالى، ثم اختلفوا في فرع من فروع القدر:

فقال أكثرهم: لا يكون فعل بين فاعلين! وقال بعضهم -وهو المِرْدار-: يجوز فعلٌ بين فاعلين مخلوقين على التولّد. وأحال مثله بين القديم والمُحدَث.

ثم اختلفوا فيما لا يعود إلى القدر في مسائل كثيرة؛ كاختلافهم في الصلاح والأصلح: فقال البغداديون منهم: يجب على الله -تعالى عن قولهم- فعلُ الأصلح لعباده في دينهم ودنياهم، ولا يجوز في حكمته تبقية وجهٍ ممكن به الصلاح العاجل والآجل؛ إلا وعليه فعلُ أقصى ما يقدِرُ عليه في استصلاح عباده.

قالوا: وواجبٌ على الله -تعالى- ابتداءُ الخلق الذين علم أنه يُكلِّفهم،


(١) الصاعقة المحرقة (٣٤). انظر المعيار المعرب (١١/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٢) تقدم تخريجه في مواقف الإمام أحمد سنة (٢٤١هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>