للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبثبوتها يثبت المقابل، فإن كل قابل للزيادة قابل للنقصان ضرورة. (١)

[موقفه من القدرية:]

- قال في الفتح: وأما قوله في الأنعام: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا} (٢) فقد تمسك بها المعتزلة، وقالوا إن فيها ردا على أهل السنة. والجواب أن أهل السنة تمسكوا بأصل قامت عليه البراهين: وهو أن الله خالق كل مخلوق، ويستحيل أن يخلق المخلوق شيئا، والإرادة شرط في الخلق ويستحيل ثبوت المشروط بدون شرطه، فلما عاند المشركون المعقول وكذبوا المنقول الذي جاءتهم به الرسل وألزموا الحجة بذلك تمسكوا بالمشيئة والقدر السابق، وهي حجة مردودة لأن القدر لا تبطل به الشريعة وجريان الأحكام على العباد بأكسابهم فمن قدر عليه بالمعصية كان ذلك علامة على أنه قدر عليه العقاب إلا أن يشاء أن يغفر له من غير المشركين، ومن قدر عليه بالطاعة كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالثواب، وحرف المسألة أن المعتزلة قاسوا الخالق على المخلوق وهو باطل، لأن المخلوق لو عاقب من يطيعه من أتباعه عد ظالما لكونه ليس مالكا له بالحقيقة، والخالق لو عذب من يطيعه لم يعد ظالما لأن الجميع ملكه فله الأمر كله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل. (٣)


(١) فتح الباري (١/ ٦٤ - ٦٥).
(٢) الأنعام الآية (١٤٨).
(٣) الفتح (١٣/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>