لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا أحد من سلف الأمة، بل أمروا بالقرآن في الصلاة والسكينة. ولو ورد على الإنسان حال يغلب فيها حتى يخرج إلى حالة خارجة عن المشروع، وكان ذلك الحال بسبب مشروع. كسماع القرآن ونحوه، سلم إليه ذلك الحال كما تقدم، فأما إذا تكلف من الأسباب ما لم يؤمر به، مع علمه بأنه يوقعه فيما لا يصلح له: مثل شرب الخمر، مع علمه أنها تسكره، وإذا قال: ورد علي الحال، وأنا سكران قيل له: إذا كان السبب محظورا، لم يكن السكران معذورا.
فهذه الأحوال الفاسدة من كان فيها صادقا فهو مبتدع ضال، من جنس خفراء العدو، وأعوان الظلمة، من ذوي الأحوال الفاسدة الذين ضارعوا عباد النصارى والمشركين والصابئين في بعض ما لهم من الأحوال، ومن كان كاذبا فهو منافق ضال. (١)
[موقفه من الجهمية:]
إن مواقف الشيخ مع هذه النحلة وفروعها متعددة، وكتبه طافحة بالرد عليهم وتفنيد آرائهم بالحجج البينات من صحيح المنقول وصريح المعقول. نقتطف بعضا منها:
- قال: وأما الذي أقوله الآن وأكتبه -وإن كنت لم أكتبه فيما تقدم من أجوبتي، وإنما أقوله في كثير من المجالس-: إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات، فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها. وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء