الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير، فلم أجد -إلى ساعتي هذه- عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات، أو أحاديث الصفات، بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف، بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته، وبيان أن ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأولين ما لا يحصيه إلا الله. وكذلك فيما يذكرونه آثرين وذاكرين عنهم شيء كثير. (١)
- نموذج من مناظراته في العقيدة الواسطية رضي الله عنه:
قال: أما بعد: فقد سئلت غير مرة أن أكتب ما حضرني ذكره مما جرى في المجالس الثلاثة المعقودة للمناظرة، في أمر الاعتقاد، بمقتضى ما ورد به كتاب السلطان من الديار المصرية إلى نائبه أمير البلاد لما سعى إليه قوم من الجهمية والاتحادية والرافضة وغيرهم من ذوي الأحقاد.
فأمر الأمير بجمع القضاة الأربعة، قضاة المذاهب الأربعة وغيرهم من نوابهم والمفتين والمشائخ، ممن له حرمة وبه اعتداد، وهم لا يدرون ما قصد بجمعهم في هذا الميعاد وذلك يوم الاثنين ثامن رجب المبارك عام خمس وسبعمائة. فقال لي: هذا المجلس عقد لك، فقد ورد مرسوم السلطان بأن أسألك عن اعتقادك، وعما كتبت به إلى الديار المصرية من الكتب التي تدعو بها الناس إلى الاعتقاد. وأظنه قال: وأن أجمع القضاة والفقهاء وتتباحثون في ذلك.
فقلت: أما الاعتقاد فلا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني، بل يؤخذ عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما أجمع عليه سلف الأمة. فما كان في القرآن وجب