من عرَّب له كتب الفلاسفة وأتاه بها في أعوام بضع عشرة سنة ومائتين من سني الهجرة، فانتشرت مذاهب الفلاسفة في الناس، واشتهرت كتبهم بعامة الأمصار، وأقبلت المعتزلة والقرامطة والجهمية وغيرهم عليها، وأكثروا من النظر فيها والتصفح لها، فانجر على الإسلام وأهله من علوم الفلاسفة ما لا يوصف من البلاء والمحنة في الدين، وعظم بالفلسفة ضلال أهل البدع وزادتهم كفرا إلى كفرهم. (١)
[موقفه من الرافضة:]
- جاء في الخطط: وقام في زمنه -أي علي بن أبي طالب- رضي الله عنه عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء السبأي، وأحدث القول بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي بالإمامة من بعده، فهو وصي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخليفته على أمته من بعده بالنص، وأحدث القول برجعة علي بعد موته إلى الدنيا، وبرجعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا، وزعم أن عليا لم يقتل وأنه حي، وأن فيه الجزء الإلهي، وأنه هو الذي يجيء في السحاب، وأن الرعد صوته والبرق سوطه، وأنه لابد أن ينزل إلى الأرض فيملأها عدلا كما ملئت جورا. ومن ابن سبأ هذا تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة وصاروا يقولون بالوقف يعنون أن الإمامة موقوفة على أناس معينين، كقول الإمامية بأنها في الأئمة الاثني عشر، وقول الإسماعلية بأنها في ولد إسماعيل بن جعفر الصادق. وعنه أيضا أخذوا القول بفيئة الإمام والقول برجعته بعد الموت إلى الدنيا كما تعتقده الإمامية إلى اليوم في صاحب السرداب، وهو القول بتناسخ الأرواح. وعنه أخذوا أيضا القول بأن الجزء