للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقفه من المشركين:]

- قال عبد السلام بن سودة (١): ومن المآثر التي تحفظ له ولا تنكر قطع شجرة السدرة الكبرى التي كانت قبالة باب ضريح الشيخ أبي غالب الكائن بحومة صريرة داخل باب الفتوح؛ فإن هذه الشجرة كادت أن تعبد من دون الله، فقد كبرت واتسعت وطال عليها الأمد، وكانت النساء والصبيان وحتى بعض الرجال يقصدونها، ويلتمسون بركاتها، وتعلق فيها بعض الخرق المعقودة، ولا يمكن حلها إلا بعد قضاء الحاجة المتطلبة، وكان ربما أعماهم الشيطان فيصادفون بعض الإجابة؛ فإذا رأيت منظرها اندهشت من كثرة ما يعلق بها من الخرق والتمائم، وأوراق الكتابة والحروز وغير ذلك من الأمور، التي يستغرب منها كشعر النساء، وكان من العادة الجارية أن كل من زارها وعلق بها مطلبه لا بد له من أن يدخل الضريح ويجعل فيه شيئا من المال؛ لأجل أن تقضى حاجته، ومن لا يفعل ذلك لا تقضى له حاجة، فكان ولاة الضريح وهم الشرفاء الطالبيون يعظمونها مع الناس؛ لأجل المادة التي تحصل لهم. وكان يوم قطعها يوما مشهودا بين مستحسن ومخالف، وقال رئيس الفئة المتطرفة وزعيمهم الأكبر: إن ابن العربي صاحب الترجمة سيصاب بشلل من أجل قطع الشجرة التي يتبرك بها الناس، وبعد مدة سلط الله عليه ذلك وبقي ابن


(١) سل النصال للنضال (ص.١٩٥ - ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>