قال ابن النجار: قرأت بخط ابن ناصر وأخبرنيه عنه سماعا يحيى بن الحسين قال: بقيت سنين لا أدخل مسجد أبي منصور الخياط، واشتغلت بالأدب على التبريزي، فجئت يوما لأقرأ الحديث على الخياط، فقال: يا بني، تركت قراءة القرآن، واشتغلت بغيره؟ عد، واقرأ علي ليكون لك إسناد، فعدت إليه في سنة اثنتين وتسعين، وكنت أقول كثيرا: اللهم بين لي أي المذاهب خير. وكنت مرارا قد مضيت إلى القيرواني المتكلم في كتاب التمهيد للباقلاني، وكأن من يردني عن ذلك. قال: فرأيت في المنام كأني قد دخلت المسجد إلى الشيخ أبي منصور، وبجنبه رجل عليه ثياب بيض ورداء على عمامته يشبه الثياب الريفية، دري اللون، عليه نور وبهاء، فسلمت، وجلست بين أيديهما، ووقع في نفسي للرجل هيبة وأنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جلست التفت إلي، فقال لي: عليك بمذهب هذا الشيخ، عليك بمذهب هذا الشيخ. ثلاث مرات، فانتبهت مرعوبا، وجسمي يرجف، فقصصت ذلك على والدتي، وبكرت إلى الشيخ لأقرأ عليه، فقصصت عليه الرؤيا، فقال: يا ولدي، ما مذهب الشافعي إلا حسن، ولا أقول لك: اتركه، ولكن لا تعتقد اعتقاد الأشعري. فقلت: ما أريد أن أكون نصفين، وأنا أشهدك، وأشهد الجماعة أني منذ اليوم على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع. فقال لي: وفقك الله. ثم أخذت في سماع كتب أحمد ومسائله والتفقه على مذهبه،