- جاء في معالم الايمان: كان رحمه الله لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم، ولما دخل عبيد الله الشيعي إفرقية ونزل "رقادة" ترك جبلة سكن الرباط ونزل القيروان فكلم في ذلك فقال: كنا نحرس عدوا بيننا وبينه البحر والآن حل هذا العدو بساحتنا وهو أشد علينا من ذلك فكان إذا أصبح وصلى الصبح خرج إلى طرف القيروان من ناحية "رقادة" معه سيفه وترسه وفرسه وسهامه وجلس محاذيا لرقادة إلى غروب الشمس ثم يرجع إلى داره ويقول: احرس عورات المسلمين منهم فإن رأيت شيئا حركت المسلمين عليهم.
وكان ينكر على من يخرج من القيروان إلى سوسة ونحوها من الثغور ويقول: جهاد هؤلاء أفضل من جهاد الشرك. قال المالكي: ولم يكن في وقته رحمه الله أكثر اجتهادا منه في مجاهدة عبيد الله وشيعته فسلمه الله عز وجل منهم. قال: واتصل به أن بعض أهل القيروان خرجوا ليتلقوا عبيد الله الشيعي تقية من شره ومداراة له فقال جبلة: اللهم لا تسلم من خرج يسلم عليه، واغتم لذلك غما شديدا، فلما انتهوا إلى وادي أبي كريب جردوا وأخذت ثيابهم، فلما عرفوا جبلة بذلك قال: ما غمني فيهم إلا رجل واحد فيه خير لا دنيا له، والرجل هو حماس بن مروان القاضي.
ولما دخل عبيد الله القيروان وخطب أول جمعة وجبلة جالس عند المنبر، فلما سمع كفرهم قام قائما وكشف عن رأسه حتى رآه الناس، وخرج يمشي إلى آخر الجامع وهو يقول: قطعوها قطعهم الله، فما حضرها أحد من أهل