دخل على الصوفية في هذا الفن من أبواب. أحدها أنه منع جمهورهم من العلم أصلا، وأراهم أنه يحتاج إلى تعب وكلف فحسن عندهم الراحة، فلبسوا المراقع وجلسوا على بساط البطالة. (١)
[موقفه من الجهمية:]
- قال في معرض ذكره لتلبيس إبليس على هذه الأمة في العقائد والديانات: فإن إبليس لما تمكن من الأغبياء فورطهم في التقليد وساقهم سوق البهائم. ثم رأى خلقا فيهم نوع ذكاء وفطنة فاستغواهم على قدر تمكنه منهم، فمنهم من قبح عنده الجمود على التقليد وأمره بالنظر، ثم استغوى كلا من هؤلاء بفن فمنهم من أراه أن الوقوف مع ظواهر الشرائع عجز. فساقهم إلى مذهب الفلاسفة، ولم يزل بهؤلاء حتى أخرجهم عن الإسلام. وقد سبق ذكرهم في الرد على الفلاسفة. ومن هؤلاء من حسن له أن لا يعتقد إلا ما أدركته حواسه. فيقال لهؤلاء: بالحواس علمتم صحة قولكم؟ فإن قالوا: نعم كابروا، لأن حواسنا لم تدرك ما قالوا، إذ ما يدرك بالحواس لا يقع فيه خلاف، وإن قالوا بغير الحواس، ناقضوا قولهم. ومنهم من نفره إبليس عن التقليد وحسن له الخوض في علم الكلام والنظر في أوضاع الفلاسفة ليخرج بزعمه عن غمار العوام. وقد تنوعت أحوال المتكلمين وأفضى الكلام بأكثرهم إلى الشكوك وببعضهم إلى الإلحاد.
ولم تسكت القدماء من فقهاء هذه الأمة عن الكلام عجزا ولكنهم رأوا أنه لا يروي غليلا ثم يرد الصحيح عليلا فأمسكوا عنه ونهوا عن الخوض