محمد بن عبد الرحمن بن الحكم الأموي، صاحب الأندلس، كان عالما فاضلا عاقلا، محبا للعلم، مؤثرا لأصحاب الحديث، مكرما لهم. وكان يخرج إلى الجهاد ويوغل في بلاد الكفار السنة والسنتين، وهو صاحب وقعة وادي سليط وهي من الوقائع المشهورة لم يعرف قبلها مثلها في الأندلس، وهو الذي نصر بقي بن مخلد الحافظ على أهل الرأي. وقال عنه بقي: ما كلمت أحدا من الملوك أكمل عقلا، ولا أبلغ لفظا من الأمير محمد ولقد دخلت عليه يوما في مجلس خلافته، فافتتح الكلام بحمد الله، والصلاة على نبيه، ثم ذكر الخلفاء فحلى كل واحد بحليته وصفته، وذكر مآثره بأفصح لسان حتى انتهى إلى نفسه، فحمد الله على ما قدره ثم سكت. توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
[موقفه من المبتدعة:]
- قال ابن حزم: كان محمد بن عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس محبا للعلوم عارفا بها؛ فلما دخل بقي بن مخلد الأندلس بمصنف ابن أبي شيبة وقرئ عليه أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستبشعوه، وقام جماعة من العامة عليه، ومنعوه من قراءته، فاستحضره الأمير محمد وإياهم، وتصفح الكتاب جزءا جزءا حتى أتى على آخره، ثم قال لخازن كتبه: هذا الكتاب لا تستغني خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا، وقال لبقي: انشر
(١) السير (٨/ ٢٦٢ - ٢٦٣) والوافي بالوفيات (٣/ ٢٢٤ - ٢٢٥) وتاريخ ابن الوردي (١/ ٣٣١) والكامل في التاريخ (٧/ ٤٢٤) وتاريخ الإسلام (حوادث ٢٧١ - ٢٨٠/ص.٤٥١ - ٤٥٢) وشذرات الذهب (٢/ ١٦٤ - ١٦٥).