أر في معناه مثله. وقال ابن حجر: كان جريء الجنان، واسع العلم، عارفا بالخلاف ومذاهب السلف. وقال الشوكاني: برع في شتى العلوم، وفاق الأقران، واشتهر في الآفاق، وتبحر في معرفة مذاهب السلف. وله مصنفات قيمة بلغت ستا وتسعين مؤلفا، منها: 'زاد المعاد' و'إعلام الموقعين' و'بدائع الفوائد' وغيرها. مات رحمه الله تعالى في ثالث عشر من شهر رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وعاش ستين سنة وكانت جنازته حافلة جدا.
[موقفه من المبتدعة:]
هذا الإمام أحد التلامذة البررة لشيخ الإسلام ابن تيمية. نفعه الله بشيخ الإسلام فاستفاد منه العلم والعمل، أحيا كتب الشيخ ودعوته بعد وفاته ودافع عن العقيدة السلفية بقدر ما استطاع، ألف في ذلك الكتب القيمة التي سارت بها الركبان واستفاد منها الأنام، ولم يكن كغيره بالناقل المار الجامع، ولكن كان الناقد الفقيه المحلل. إذا تكلم في مسألة يظن القارئ له أنه لا يحسن غيرها لما يراه من كثرة العلم والحجج وكأنه بحر تتلاطم أمواجه لا تقف أمامه حبيبات الرمال (المبتدعة)، وكأن السنة والكتاب وضعت بين عينيه يأخذ منهما ما يشاء، إن تكلم في اللغة فهو الخليل فيها، وإن تكلم في التفسير فابن جرير قرينه، وإن تكلم في الحديث فالبخاري زميله. وهكذا في كل فن يقارن بأكبر أربابه. ولما له من هذه المكانة، اعترف بفضله وعلمه وحفظه كل من ترجم له حتى الأقران الذين يغلب عليهم التنافس، إلا من في قلبه مرض، فهؤلاء لا يُؤبَه لهم ولا لكلامهم، على حَدِّ قول القائل: القافلة تسير والكلاب تنبح، وكما جاء في الرسالة: ولا يستنجى من ريح.