للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدي بحرف الجر الذي هو قولك إن لم يكن المراد به إلا رؤية البصر، ألا ترى أن نظر الاعتبار إذا عدي بِـ (إلى) لم يقرن بالوجه أو البصر، وكذلك نظر التعطف والرحمة وغيره، وقد تأولوه على أن المراد به: ثواب ربها منتظرة، وهذا باطل من وجوه، أحدها: إن ثواب الله غيره، والظاهر يوجب أن يكون النظر إليه لا إلى غيره، والثاني: يعود إلى أن النظر بمعنى الانتظار، وذلك ما قد أبنا عن فساده، ومنها: الحديث المأثور، والخبر المشهور بالنقل المتواتر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم ترون ربكم، لا تضامون في رؤيته، كما ترون القمر ليلة البدر ليس دونها سحاب» (١) وهذا الحديث مروي من عدة طرق، وألفاظ مختلفة ومعنى متفق، ورواه نيف وعشرون نفسا من الصحابة، وذكرهم أهل النقل. (٢)

[موقفه من الخوارج:]

قال معلقا على قول ابن أبي زيد: [إن مات مصرا على الكبائر فأمره إلى الله، فإن شاء غفر له وإن شاء عذبه، فإنه إن عذبه أخرجه إلى جنته] إلى آخر ما قاله: فإنه صحيح على ما ذكره، وهو مذهب أهل السنة، والمخالف فيه أكثر فرق أهل البدعة، وهم المعتزلة والخوارج والشراة، ولهذا سميت المعتزلة، لأنهم انفردوا بالبصرة، واعتزلوا عن مجالس أهل الحديث والسنة لما عقدوه بينهم من البدعة، وهم: واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وغيرهم ممن تبعهم، واعتزلوا عن أئمة الدين وخافوا أن يظهر عليهم علماء المسلمين، وركبوا في ذلك ما كان طريقا لأهل الكبائر إلى الإصرار واليأس من مغفرة


(١) تقدم تخريجه في مواقف عبد العزيز الماجشون سنة (١٦٤هـ).
(٢) شرح عقيدة الإمام مالك الصغير (ص.٩٢ - ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>