للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦)} (١) وما إلى ذلك، يريد: أفلم يعتبروا ويتفكروا. ومنها: النظر بمعنى الانتظار، ومنه قوله تعالى {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥)} (٢) أي منتظرة، ومنها: الإنظار، وهو الإمهال، كقوله تعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} (٣) يريد: أمهلونا، وهو يقرب من معنى ما قبله، ومن أصحابنا من يخرج هذه الأقسام من مجملات القول نظرا، ومنها التعطف والرحمة كقوله تعالى: {ولا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} (٤) يريد: ولا يتعطف عليهم، ومنها: رؤية البصر كقوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} (٥) يريد: انظرها بعينك.

والقسم الأول غير جائز، لأن الآخرة ليست بدار اعتبار وتفكر، وكذلك الانتظار، لأن ذلك يوجب إضمارا في الظاهر ونقله إلى المجاز بغير دليل، لأن ما ينتظر فيه ليس بمذكور، والظاهر يوجب تعلق النظر به تعالى، وكذلك القسم الثالث، وهو الإنظار، لأنه لا يجوز أن يقال: قد أنظرنا ربنا وأمهلنا، وكذلك القسم الآخر الذي هو التعطف والرحمة، لا يجوز أن يقع منها لله تعالى، فلم يبق إلا ما قلناه من رؤية البصر، ووجه آخر، وهو أن النظر إذا قرن بما لذكر الوجه والبصر


(١) ق الآية (٦).
(٢) النمل الآية (٣٥).
(٣) الحديد الآية (١٣).
(٤) آل عمران الآية (٧٧).
(٥) البقرة الآية (٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>