شجاع الملك صاحب العراق، لما مات أبوه سنة خمس وثمانين وأربعمائة، اقتسموا الأقاليم، وكانت نزاعات بينه وبين أخويه ثم عظم شأن محمد وتفرد بالسلطنة، ودانت له البلاد وكان أخوه يخطب له بخراسان، وقد كان محمد فحل آل سلجوق وله بر في الجملة وحسن سيرة مشوبة، فمن عدله أنه أبطل ببغداد المكس والضرائب ومنع من استخدام يهودي أو نصراني، وكسا في نهار أربعمائة فقير وكان قد كف مماليكه عن الظلم. ملك العراق وخراسان وغير ذلك من البلاد الشاسعة والأقاليم الواسعة، كان من خيار الملوك وأحسنهم سيرة، عادلا رحيما سهل الأخلاق محمود العشرة، لما حضرته الوفاة استدعى ولده محمودا وضمه إليه وبكى كل منهما، ثم أمره بالجلوس على سرير المملكة وعمره إذ ذاك أربعة عشر سنة فحكم بعد وفاة أبيه سنة إحدى عشرة وخمسمائة. توفي السلطان محمد عن تسع وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأيام.
[موقفه من المشركين:]
- قال ابن كثير: ومما وقع في هذه السنة -أي خمسمائة- من الحوادث أن السلطان محمد بن ملكشاه حاصر قلاعا كثيرة من حصون الباطنية، فافتتح منها أماكن كثيرة وقتل خلقا منهم، منها قلعة حصينة كان أبوه قد بناها بالقرب من أصبهان في رأس جبل منيع هناك ... أنفق عليها ألف ألف دينار، ومائتي ألف دينار، ثم استحوذ عليها بعد ذلك رجل من الباطنية يقال له أحمد