للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتحن رحمه الله في أواخر حياته، عندما اعترض على ابن أيبك الشاعر الذي مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصيدة لامية على وزن "بانت سعاد" فأنكر أمورا: منها التوسل به والقدح في عصمته وغير ذلك، فرفع الأمر إلى السلطان، وعقد له عدة مجالس مع فقهاء عصره، وسئل عما أراد بما كتب فقال: ما أردت إلا تعظيم جانب النبي - صلى الله عليه وسلم - وامتثال أمره، فحكم بحبسه. فبقي رحمه الله بعد هذه الواقعة ملازما بيته إلى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة للهجرة، حيث أعيد إلى وظائفه بأمر من الأمير سيف الدين، فخطب بجامع الأفرم ودرس بالجوهرية.

وفي سنة ثنتين وتسعيين وسبعمائة توفي الشيخ رحمه الله رحمة واسعة، ودفن بسفح قاسيون.

[موقفه من المبتدعة:]

قال رحمه الله في 'الاتباع': الواجب في مسائل النزاع الرد إلى الله والرسول؛ قال الله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (١). والرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته. وأهل التقليد لا يفعلون ذلك، بل يأخذ أحدهم بما يجد في كتب أصحاب ذلك الإمام الذي قلده، ولا يلتفت إلى قول من خالفه كائنا من كان. ونص ذلك الإمام والكتب عنده بمنزلة نص الشارع. وكثيرا ما يكون ذلك النص من كلام بعض الأصحاب في الفتاوى، ولم يكن لذلك


(١) النساء الآية (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>