للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي قاله هؤلاء، وإن كان ظاهراً حسناً فالأظهر والله أعلم أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم، بحيث لا تعتريهم الشبه ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيرة، وإن اختلفت عليهم الأحوال. وأما غيرهم من المؤلفة ومن قاربهم ونحوهم، فليسوا كذلك. فهذا مما لا يمكن إنكاره ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبي بكر الصديق رضي الله عنه لا يساويه تصديق آحاد الناس، ولهذا قال البخاري في صحيحه: قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول أنه على إيمان جبريل وميكائيل. والله أعلم.

وأما إطلاق اسم الإيمان على الأعمال فمتفق عليه عند أهل الحق، ودلائله في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تشهر. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (١) أجمعوا على أن المراد صلاتكم، وأما الأحاديث فستمر بك في هذا الكتاب منها جمل مستكثرات، والله أعلم. (٢)

طه بن إبراهيم الهمذاني (٣) (٦٧٧ هـ)

طه بن إبراهيم بن أبي بكر، الشيخ جمال الدين أبو محمد الإربلي، الفقيه


(١) البقرة الآية (١٤٣).
(٢) شرح مسلم (١/ ١٢٩ - ١٣٣).
(٣) فوات الوفيات (٢/ ١٣٠ - ١٣١) والبداية والنهاية (١٣/ ٢٩٧ - ٢٩٨) والنجوم الزاهرة (٧/ ٢٨١) وشذرات الذهب (٥/ ٣٥٧ - ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>