زائدا على لسانه ولا أرى لسانه زائدا على عقله. وقال أيضا: نعم الخصلة السخاء، تستر عورة الشريف، وتلحق خسيسة الوضيع، وتحبب المزهود فيه. وقال: ما شيء أبقى للملك من العفو، خير مناقب الملك العفو. وعلق الذهبي على هذه القولة بقوله: ينبغي أن يكون العفو من الملك عن القتل، إلا في الحدود، وأن لا يعفو عن وال ظالم، ولا عن قاض مرتش، بل يعجل بالعزل، ويعاقب المتهم بالسجن، فحلم الملوك محمود إذا ما اتقوا الله وعملوا بطاعته. توفي رحمه الله غازيا سنة اثنتين وثمانين.
[موقفه من الخوارج:]
قال ابن كثير في البداية والنهاية في معرض حديثه عن حوادث سنة ثمان وستين: وفيها كانت وقعة الأزارقة. وذلك أن مصعبا كان قد عزل عن ناحية فارس المهلب بن أبي صفرة، وكان قاهرا لهم وولاه الجزيرة، وكان المهلب قاهرا للأزارقة، وولى على فارس عمر بن عبد الله بن معمر، فثاروا عليه فقاتلهم عمر بن عبد الله فقهرهم وكسرهم، وكانوا مع أميرهم الزبير ابن الماجور، ففروا بين يديه إلى اصطخر فأتبعهم فقتل منهم مقتلة عظيمة، وقتلوا ابنه، ثم ظفر بهم مرة أخرى، ثم هربوا إلى بلاد أصبهان ونواحيها، فتقووا هنالك وكثر عَددهم وعُددهم، ثم أقبلوا يريدون البصرة، فمروا ببعض بلاد فارس وتركوا عمر بن عبد الله بن معمر وراء ظهورهم، فلما سمع مصعب بقدومهم ركب في الناس وجعل يلوم عمر بن عبد الله بتركه هؤلاء يجتازون ببلاده، وقد ركب عمر ابن عبد الله في آثارهم، فبلغ الخوارج أن مصعبا أمامهم وعمر بن عبد الله وراءهم، فعدلوا إلى المدائن فجعلوا يقتلون النساء