للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} (١) وقال: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} (٢)

فهذه كلها لو سمي الأمر فيها باسم الخلق، لم يجز، ألا ترى أنه لا يمكن أن يقول: ألا له الخلق والخلق، لأنه قوله: الخلق يدخل فيه الخلق كله بقوله الخلق، والخلق باطل، لا يجوز أن يقال: فيها يفرق كل أمر حكيم خلقاً من عندنا، ولا يقال: ومن يزغ منهم عن خلقنا، ولا يجوز أن يقال: قل خلق ربي بالقسط، ولا يجوز أن يقال: إن الحكم إلا لله خلق أن لا تعبدوا إلا إياه، ولا يجوز أن يقال: حتى إذا جاء خلقنا. ولو كان معنى الأمر معنى الخلق، جاز في الكلام أن يتكلم بالمعنى، ففي هذا بيان كفر الجهمية فيما ادعوه أن القرآن مخلوق، وسنوضح ما قالوه باباً باباً، حتى لا يخفى على مسترشد أراد طريق الحق وأحب أن يسلكها ويزيد العالم بذلك بصيرة، والله الموفق وهو حسبنا ونعم الوكيل. (٣)

[موقفه من المرجئة:]

- قال رحمه الله تعالى: أما بعد وفقكم الله فإني مبين لكم شرائع الإيمان التي أكمل الله بها الدين، وسماكم بها المؤمنين وجعلكم إخوة عليها متعاونين، وميز المؤمنين بها من المبتدعين المرجئة الضالين، الذي زعموا أن الإيمان قول بلا عمل، ومعرفة من غير حركة. فإن الله عز وجل قد كذبهم في كتابه وسنة نبيه وإجماع العقلاء والعلماء من عباده، فتدبروا ذلك وتفهموا ما فيه وتبينوا


(١) الأعراف الآية (٢٩).
(٢) مريم الآية (٦٤) ..
(٣) الإبانة (٢/ ١٣/١٥٠ - ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>