يدعو أولا ثم يفتك، ولم يزل البلاء بهم يزيد إلى أن أمر المهلب بن أبي صفرة على قتالهم، فطاولهم حتى ظفر بهم وتقلل جمعهم، ثم لم يزل منهم بقايا في طول الدولة الأموية وصدر الدولة العباسية، ودخلت طائفة منهم المغرب. وقد صنف في أخبارهم أبو مخنف -بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح النون بعدها فاء واسمه لوط بن يحيى- كتابا لخصه الطبري في تاريخه.
وصنف في أخبارهم أيضا الهيثم بن عدي كتابا، ومحمد بن قدامة الجوهري -أحد شيوخ البخاري خارج الصحيح- كتابا كبيرا، وجمع أخبارهم أبو العباس المبرد في كتابه 'الكامل'، لكن بغير أسانيد بخلاف المذكورين قبله. قال القاضي أبو بكر بن العربي: الخوارج صنفان: أحدهما يزعم أن عثمان وعليا وأصحاب الجمل وصفين وكل من رضى بالتحكيم كفار. والآخر يزعم أن كل من أتى كبيرة فهو كافر مخلد في النار أبدا. وقال غيره: بل الصنف الأول مفرع عن الصنف الثاني، لأن الحامل لهم على تكفير أولئك كونهم أذنبوا فيما فعلوه بزعمهم. (١)
[موقفه من المرجئة:]
قال رحمه الله: قوله: (وهو) أي الإيمان (قول وفعل ويزيد وينقص) وفي رواية الكشميهني: "قول وعمل" وهو اللفظ الوارد عن السلف الذين أطلقوا ذلك، ووهم ابن التين فظن أن قوله (وهو) إلى آخره مرفوع لما رآه معطوفاً، وليس ذلك مراد المصنف، وإن كان ذلك ورد بإسناد ضعيف. والكلام هنا في مقامين: أحدهما كونه قولاً وعملاً، والثاني: كونه يزيد وينقص. فأما