للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقفه من القدرية:]

قال القاضي عند شرحه لقول ابن أبي زيد: والإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وكل ذلك قد قدره الله ربنا. ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه، علم كل شيء قبل كونه فجرى على قدره، لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} (١).

قال القاضي رضي الله عنه: هذا الذي قاله، هو قول أهل السنة وأئمة الحديث، ومذهب السلف الصالح، والأخبار متواترة باللفظ الذي عبر به، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لن يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن لصيبه، وأن كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس» (٢) وفيه أخبار كثيرة مسندة وموقوفة على الصحابة والتابعين، لولا تعذر جمعها للشغل بالسفر، وضيق الوقت به لذكرنا طرقها واستقصينا جميع ما ورد منها، وقد قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (٣) فعم ولم يخص. وقال تعالى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣)} (٤) وقد زعمت القدرية المعتزلة: أن الله تعالى


(١) الملك الآية (١٤).
(٢) سيأتي تخريجه في مواقف ابن رجب الحنبلي سنة (٧٩٧هـ).
(٣) القمر الآية (٤٩).
(٤) المرسلات الآية (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>