للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادة، والإخلاص هو القصد إليه بالفعل، وقال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} (١) فأخبر أن العمل موقوف على النية، وأنه يجازى عليه على حسب ما ينوى به، وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} (٢) فأمر أن لا يلتفت إلى ما يقولونه بألسنتهم إذ في قلوبهم خلافه، فدل على أن المعول على النية دون اللسان، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» الحديث (٣)، فربط الأعمال بالنيات، ومفهوم هذا أن الانتفاع بالأعمال والاعتداد بها يكون بالنية، وأن النية هي عماد الأعمال ومعلولها، كقولهم: إنما الطائر بجناحيه، وإنما الرعية بإمامها، يريدون: أن ذلك هو عمادها، وكذلك قولهم: إنما الأعمال بخواتيمها، وبين هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» وهذا خرج على سبب: وهو أن رجلا خرج إلى المدينة يظهر الهجرة وقصده أن يتزوج امرأة، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المجازاة على الأعمال الخالصة وهي مما ينويه الإنسان ويقصد له. (٤)


(١) الحج الآية (٣٧).
(٢) النساء الآية (٦٣).
(٣) انظر تخريجه في مواقف الإمام الشافعي سنة (٢٠٤هـ).
(٤) شرح عقيدة الإمام ابن أبي زيد القيرواني (ص.١٠٥ - ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>