للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحديث في ذلك، حتى إن الأنصار سألوا أن يكون منهم أمير مع أمير المهاجرين فأبى الصديق عليهم ذلك، ثم مع هذا كله ضرب سعد بن عبادة الذي دعا إلى ذلك أولا ثم رجع عنه، كما قررنا ذلك فيما تقدم، فكيف يعمدون إلى خليفة قد بويع له بالإمارة على المسلمين من سنين فيعزلونه وهو من صلبية قريش ويبايعون لرجل كندي بيعة لم يتفق عليها أهل الحل والعقد؟! ولهذا لما كانت هذه زلة وفلتة نشأ بسببها شر كبير هلك فيه خلق كثير، فإنا لله وإنا إليه راجعون. (١)

[موقفه من القدرية:]

قال رحمه الله في تفسيره: وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (٢) كقوله: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (٣) وكقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} (٤) أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه، ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل تبرمها. وردوا بهذه الآية وبما شاكلها من الآيات وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة القدرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة. وقد تكلمنا على هذا المقام مفصلا وما ورد فيه من الأحاديث في شرح


(١) البداية والنهاية (٩/ ٥٧ - ٥٨).
(٢) القمر الآية (٤٩).
(٣) الفرقان الآية (٢).
(٤) الأعلى الآيات (١ - ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>