قال جدي رحمه الله: كان أبو المظفر بن حمدي أحد العدول والمشار إليهم ببغداد ينكر على ابن الجوزي كثيرا كلمات يخالف فيها السنة. قال الذهبي: وكلامه في السنة مضطرب، تراه في وقت سنيا، وفي وقت متجهما محرفا للنصوص، والله يرحمه ويغفر له. نالته محنة في أواخر عمره، فحبس بواسط، وما أطلق إلا بعد خمس سنين. توفي رحمه الله في الثالث عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
[موقفه من المبتدعة:]
- قال رحمه الله في كتابه النفيس 'تلبيس إبليس': واعلم أن الأنبياء جاؤوا بالبيان الكافي، وقابلوا الأمراض بالدواء الشافي، وتوافقوا على منهاج لم يختلف. فأقبل الشيطان يخلط بالبيان شبهاً، وبالدواء سمّاً، وبالسبيل الواضح جرداً مضلا، وما زال يلعب بالعقول إلى أن فرق الجاهلية في مذاهب سخيفة، وبدع قبيحة، فأصبحوا يعبدون الأصنام في البيت الحرام، ويحرمون السائبة والبحيرة والوصيلة والحام، ويرون وأد البنات، ويمنعونهن الميراث، إلى غير ذلك من الضلال الذي سوله لهم إبليس فابتعث الله سبحانه وتعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فرفع المقابح، وشرع المصالح. فسار أصحابه معه وبعده في ضوء نوره، سالمين من العدوّ وغروره. فلما انسلخ نهار وجودهم. أقبلت أغباش الظلمات، فعادت الأهواء تنشئ بدعاً، وتضيق سبيلاً ما زال متسعاً، ففرق الأكثرون دينهم وكانوا شيعاً، ونهض إبليس يلبس ويزخرف ويفرق ويؤلف، وإنما يصح له التلصص في ليل الجهل، فلو قد طلع عليه صبح العلم افتضح.
فرأيت أن أحذر من مكايده، وأدلّ على مصايده. فإن في تعريف الشر