للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحذيراً عن الوقوع فيه. (١)

- قال رحمه الله: دخل إبليس على هذه الأمة في عقائدها من طريقين:

أحدهما: التقليد للآباء والأسلاف.

والثاني: الخوض فيما لا يدرك غوره ويعجز الخائض عن الوصول إلى عمقه، فأوقع أصحاب هذا القسم في فنون من التخليط.

فأما الطريق الأول، فإن إبليس زين للمقلدين أن الأدلة قد تشتبه والصواب قد يخفى والتقليد سليم. وقد ضل في هذا الطريق خلق كثير وبه هلاك عامة الناس، فإن اليهود والنصارى قلدوا آباءهم وعلماءهم فضلوا، وكذلك أهل الجاهلية. واعلم أن العلة التي بها مدحوا التقليد بها يذم، لأنه إذا كانت الأدلة تشتبه والصواب يخفى وجب هجر التقليد لئلا يوقع في ضلال. وقد ذم الله سبحانه وتعالى الواقفين مع تقليد آبائهم وأسلافهم فقال عز وجل: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ} (٢) المعنى أتتبعونهم؟ وقد قال عز وجل: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠)} (٣). قال المصنف: اعلم أن المقلد على غير ثقة فيما قلد فيه. وفي التقليد إبطال منفعة العقل لأنه إنما خلق للتأمل والتدبر، وقبيح بمن


(١) تلبيس إبليس (ص.١٠ - ١١).
(٢) الزخرف الآيتان (٢٣و٢٤).
(٣) الصافات الآيتان (٦٩و٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>