للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطي شمعة يستضيء بها أن يطفئها ويمشي في الظلمة. واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم في قلوبهم الشخص فيتبعون قوله من غير تدبر بما قال، وهذا عين الضلال، لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول لا إلى القائل كما قال علي رضي الله عنه للحارث بن حوط وقد قال له: أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير كانا على باطل؟ فقال له: يا حارث إنه ملبوس عليك، إن الحق لا يُعْرَف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله. (١)

- وقال: واعلم أن من نظر إلى تعظيم شخص ولم ينظر بالدليل إلى ما صدر عنه، كان كمن ينظر إلى ماجرى على يد المسيح صلوات الله عليه من الأمور الخارقة ولم ينظر إليه فادعى فيه الإلهية. ولو نظر إليه وأنه لا يقوم إلا بالطعام، لم يعطه إلا ما يستحقه. (٢)

- وقال: فإن قال قائل: قد مدحت السنة وذممت البدعة، فما السنة وما البدعة؟ فإنا نرى أن كل مبتدع في زعمنا يزعم أنه من أهل السنة؟ (فالجواب): أن السنة في اللغة الطريق، ولا ريب في أن أهل النقل والأثر المتبعين آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآثار أصحابه هم أهل السنة، لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث، وإنما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

والبدعة: عبارة عن فعل لم يكن فابتدع. والأغلب في المبتدعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة، وتوجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان. فإن


(١) التلبيس (١٠٠ - ١٠١).
(٢) التلبيس (٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>